الرئيسيةعرب-وعالم

بعد تعليق الصفقة.. لماذا تجهض إسرائيل اتفاق وقف النار؟

في تطور جديد للأحداث، أعلنت كتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، أمس الإثنين، على لسان الناطق باسمها “أبو عبيدة”، تأجيل تسليم الأسرى الإسرائيليين الذين كان من المقرر الإفراج عنهم يوم السبت المقبل، مشيرة إلى أن القرار جاء بسبب الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لبنود الاتفاق المبرم.

وأكد “أبو عبيدة” في بيانه أن حركة حماس التزمت بجميع التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق بدقة وفي المواعيد المحددة، إلا أن الجانب الإسرائيلي لم يلتزم بتعهداته، وسجل العديد من الخروقات التي أضرت بعملية تنفيذ الاتفاق.

وأوضح أن من بين هذه الخروقات تأخير عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة، واستهداف المدنيين بالقصف وإطلاق النار ما أدى إلى مقتل العديد منهم في مناطق مختلفة من القطاع.

الباب مفتوح

كما أشار البيان إلى أن إسرائيل تعمدت إعاقة دخول المساعدات الإنسانية الأساسية إلى القطاع، بما في ذلك متطلبات الإيواء من خيام وبيوت جاهزة (الكارفان)، والوقود اللازم للمستشفيات والبنية التحتية، بالإضافة إلى منع دخول المعدات الثقيلة اللازمة لرفع الأنقاض وانتشال الجثث العالقة تحت الركام.

وأضافت الحركة أنها زودت الوسطاء بكل هذه التجاوزات أولا بأول، إلا أن إسرائيل استمرت في خروقاتها دون أي التزام واضح ببنود الاتفاق.

كما شدد البيان على أن قرار تأجيل تسليم الأسرى الإسرائيليين يأتي كرسالة تحذيرية لإسرائيل، لحثها على الالتزام الدقيق بالاتفاق وعدم التعامل معه بانتقائية من خلال تقديم البنود الأقل أهمية وتأجيل أو عرقلة البنود الأكثر إلحاحًا، مثل إدخال المساعدات وعودة النازحين.

وأكدت حماس أن تأجيل تسليم الأسرى قبل خمسة أيام من موعد تنفيذ المرحلة المقبلة من الاتفاق هو بمثابة مهلة إضافية للوسطاء للضغط على إسرائيل من أجل الالتزام بتعهداتها.

وأوضحت الحركة أن الباب لا يزال مفتوحًا لاستئناف عمليات التبادل في موعدها المحدد، شرط أن تتوقف إسرائيل عن تجاوزاتها وتلتزم بالاتفاق بالكامل.

خبير أمني: إسرائيل غير جادة

وفي هذا السياق، قال اللواء محمد عبد الواحد، الخبير في العلاقات الدولية وشؤون الأمن القومي، إن قرار حركة حماس بتأجيل عملية تبادل الأسرى يعكس حقيقة أن إسرائيل لم تكن جادة منذ البداية في تنفيذ الاتفاق بشكل كامل، بل سعت إلى تحقيق أهدافها الخاصة دون الوفاء بالتزاماتها تجاه الفلسطينيين.

وأوضح اللواء عبد الواحد أن إسرائيل خالفت الاتفاق في عدة نقاط رئيسية، حيث لم تلتزم بالسماح بعودة النازحين إلى مناطقهم في شمال قطاع غزة، على الرغم من أن هذا البند كان جزءًا أساسيا من الاتفاق.

كما أنها لم تسهل دخول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الخيام والمساكن الجاهزة، ولم تسمح بإدخال المعدات الضرورية لانتشال الجثث ورفع الأنقاض، ما فاقم معاناة سكان القطاع.

وأضاف أن إسرائيل استمرت في عملياتها العسكرية ضد الفلسطينيين حتى بعد توقيع الاتفاق، حيث استهدفت المدنيين بالقصف وأطلقت النار عليهم في مناطق متعددة من القطاع، ما أسفر عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى.

وأكد أن هذه الممارسات تؤكد أن إسرائيل لا تنوي الالتزام بأي وقف حقيقي لإطلاق النار، بل تسعى فقط لتحقيق أهدافها الخاصة، وعلى رأسها استعادة الأسرى الإسرائيليين دون تقديم أي تنازلات جوهرية.

كما أشار اللواء عبد الواحد إلى أن إسرائيل دخلت في هذه المفاوضات بهدف أساسي واحد، وهو استعادة رهائنها، وليس لإنهاء العمليات العسكرية أو التوصل إلى تسوية دائمة.

وأوضح أن هناك عوامل أخرى تزيد من تعنت إسرائيل في تنفيذ الاتفاق، أبرزها الضغط الذي يمارسه اليمين المتطرف داخل الحكومة الإسرائيلية، والذي يرفض أي اتفاق يؤدي إلى وقف إطلاق النار، ويطالب بمواصلة العمليات العسكرية للقضاء على حركة حماس بشكل كامل.

ترامب يشجع تعنت إسرائيل

ولفت الخبير الأمني إلى أن التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تحدث فيها عن ضرورة تهجير الفلسطينيين وطرح أفكار مثل “شراء وامتلاك غزة”، قد شجعت إسرائيل على تبني موقف أكثر تصلبًا وجرأة في نقض الاتفاق، باعتبار أن هذه التصريحات تعطيها الغطاء السياسي لمواصلة سياستها العدوانية.

وأوضح أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بعد توقيع الاتفاق كشفت بوضوح نوايا الحكومة الإسرائيلية الحقيقية، حيث أكدوا أن إسرائيل ستواصل عملياتها العسكرية ضد حماس حتى تحقيق أهدافها الكاملة، وهو ما يعني أنها لم تكن تنوي تنفيذ الاتفاق بحسن نية منذ البداية.

وأكد اللواء عبد الواحد أن سياسة إسرائيل القائمة على التضييق على حماس وعدم منحها أي مجال للمناورة قد تدفع الحركة إلى تبني خيارات أكثر تصعيدًا خلال الفترة القادمة، بما في ذلك العودة إلى تنفيذ عمليات نوعية ضد الاحتلال، إذا استمر هذا النهج الإسرائيلي في التعنت وخرق الاتفاقات.

مصر تواصل جهودها لضمان تنفيذ الاتفاق

وفي سياق آخر، أكد اللواء محمد عبد الواحد أن القاهرة مستمرة في جهودها المكثفة لضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإيصال المساعدات إلى القطاع، مشيرًا إلى أن مصر تتحرك في أربعة مسارات رئيسية:

  • المسار السياسي: عبر لقاءات مكثفة مع الفصائل الفلسطينية والمسؤولين الإسرائيليين لضمان التزام جميع الأطراف ببنود الاتفاق.
  • المسار الدبلوماسي: عبر التنسيق مع المجتمع الدولي والجهات المعنية بالقضية الفلسطينية لممارسة الضغط على إسرائيل من أجل تنفيذ الاتفاق بشكل كامل.
  • المسار الأمني: لحماية الحدود المصرية مع غزة وضمان عدم تصعيد الأوضاع الأمنية في المنطقة.
  • المسار الإنساني: الذي يمثل أولوية قصوى، حيث تواصل مصر جهودها لضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، رغم العراقيل التي تضعها إسرائيل لمنع تدفق المواد الأساسية إلى القطاع.

وأشار اللواء محمد عبد الواحد إلى أن إسرائيل تحاول باستمرار تحميل مصر مسؤولية ما يحدث في غزة عبر تصريحات مضللة، حيث زعمت في محكمة العدل الدولية أن مصر مسؤولة عن تجويع سكان القطاع، كما ادعى الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن أنه تحدث مع الرئيس المصري بشأن فتح المعابر، وهي مزاعم وصفها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بأنها محاولات لتضليل المجتمع الدولي عن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة.

بالإضافة إلى أنه أكد أن مصر ماضية في دورها كوسيط رئيسي لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار وإتمام عمليات تبادل الأسرى وتخفيف معاناة الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن الجهود المصرية مستمرة رغم كل الضغوط التي تمارسها إسرائيل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى